الفوائد الثمانی - ۲
(الفائدة الثالثة) أنی رأیت كل واحد من الناس یسعی فی جمع حطام الدنیا ثم یمسكه قابضا یده علیه، فتأملت فی قوله تعالی: (مَا عِندَكُمْ یَنفَدُ وَمَا عِندَ اللَّهِ بَاقٍ۞ النحل: ۹٦) فبذلت محصولی من الدنیا لوجه الله تعالی ففرقته بین المساكین لیكون ذخرا لی عند الله تعالی.
(الفائدة الرابعة) أنی رأیت بعض الخلق ظن شرفه وعزّه فی كثرة الأقوام والعشائر فاغترّ بهم، وزعم آخرون أنه فی ثروة الأموال وكثرة الأولاد فافتخروا بها، وحسب بعضهم الشرف والعز فی غصب أموال الناس وظلمهم وسفك دمائهم، واعتقدت طائفه أنه فی إتلاف المال وإسرافه وتبذیره، وتأمّلت فی قوله تعالی: (إِنَّ أَكرَمَكُم عِندَ اللَّهِ أَتقَیٰكُم ۞ الحجرات: ۱۳) فاخترت التقوی واعتقدت أن القرآن حق صادق، وظنهم وحسبانهم كلها باطل زائل.
(الفائدة الخامسة) أنی رأیت الناس یذمّ بعضهم بعضا ویغتاب بعضهم بعضا فوجدت ذلك من الحسد فی المال والجاه والعلم. فتأملت فی قوله تعالی: (نَحْنُ قَسَمْنَا بَیْنَهُم مَّعِیشَتَهُمْ فِی الْحَیَاةِ الدُّنْیَا ۞ الزخرف: ۳۲) فعلمت أن القسمة كانت من الله تعالی فی الأزل، فما حسدت أحدا ورضیت بقسمة الله تعالی.